قال تعالى :" ان الشرك لظلم عظيم " ويقول الشاكى للحاكم : ان هذا ظالم وقد ظلمنى فى خردلة فما فوقها ولا يلزمه من هذا القول شئ إذا صح له أدنى تعلق أما ان قال فاسق أو فسق فليس كذلك وكما يترقى فى الجزاء الاحسانى كذلك يترقى فى الطرف الآخر وهو فى الحقيقة ضد الترقى وسنزيد هذا ان شاء الله فى سورة المائدة بيانا فى وصفه سبحانه من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر ثم بالظلم ثم بالفسق وإذا تقرر هذا فتأمل آيات البقرة من لدن قوله تعالى :" يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم " إلى ذكر وصفهم بتظليلهم بالغمام كيف ذكروا أولا بالظلم فقال تعالى عقب ذكرهم تظليلهم بالغمام :" وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ثم أردف ذكر اعتدائهم فى تبديلهم قولا غير الذى قيل لهم وأعقب بقوله :" فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون " وجعل الفسق ختام وصفهم الجارى جزاء على مرتكباتهم ولم يقع بعده ذكر علة منوطة بجزاء ما وقع منهم وإذا تأملت آية الأعراف وجدتها جارية على منهج ما ورد فى سورة البقرة
وان أول وصفهم المبنى جزاء على مرتكباتهم قولع :" فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون " ثم قال تعالى :" واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر " إلى قوله تعالى :" كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " فطابق هذا ما ورد فى البقرة من تقدم وصفهم أولا بالظلم ثم بعد ذلك بالفسق ووضح الاتفاق فى ختام القصة فى السورتين من غير اختلاف فيهما. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ٣٦ ـ ٤٠﴾