﴿فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزًا مّنَ السماء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ وضع المظهر موضع الضمير مبالغة في تقبيح أمرهم، وإشعاراً بكون ظلمهم وإضرارهم أنفسهم بترك ما يوجب نجاتها، أو وضعهم غير المأمور به موضعاً سبباً لإنزال الرجز وهو العذاب وتكسر راؤه وتضم والضم لغة بني الصعدات وبه قرأ ابن محيصن والمراد به هنا كما روى عن ابن عباس ظلمة وموت، يروى أنه مات منهم في ساعة أربعة وعشرون ألفاً، وقال وهب : طاعون غدوا به أربعين ليلة ثم ماتوا بعد ذلك، وقال ابن جبير : ثلج هلك به منهم سبعون ألفاً فإن فسر بالثلج كان كونه ﴿مّنَ السماء﴾ ظاهراً وإن بغيره فهو إشارة إلى الجهة التي يكون منها القضاء أو مبالغة في علوّه بالقهر والاستيلاء، وذكر بعض المحققين أن الجار والمجرور ظرف مستقر وقع صفة لرجزاً و ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ متعلق به لنيابته عن العامل علة له، وكلمة ( ما ) مصدرية، والمعنى : أنزلنا على الذين ظلموا لظلمهم عذاباً مقدراً بسبب كونهم مستمرين على الفسق في الزمان الماضي، وهذا أولى من جعل الجار والمجرور ظرفاً لغواً متعلقاً بأنزلنا لظهوره على سائر الأقوال، ولئلا يحتاج في تعليل الانزال بالفسق بعد التعليل المستفاد من التعليق بالظلم إلى القول بأن الفسق عين الظلم وكرر للتأكيد، أو أن الظلم أعم والفسق لا بد أن يكون من الكبائر، فبعد وصفهم بالظلم وصفوا بالفسق للإيذان بكونه من الكبائر، فإن الأول : بضاعة العاجز.