﴿فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِىَ نَفَقاً فِى الأرض أَوْ سُلَّماً فِي السماء﴾ [ الأنعام : ٣٥ ] مبيناً بذلك أنه لا حيلة له في الآيات التي اقترحوها القول الثاني : أن الهاء في قوله :﴿لَّن يَنصُرَهُ الله﴾ راجع إلى من في أول الآية لأنه المذكور ومن حق الكناية أن ترجع إلى مذكور إذا أمكن ذلك ومن قال بذلك حمل النصرة على الرزق.
وقال أبو عبيدة وقف علينا سائل من بني بكر فقال : من ينصرني نصره الله.
أي من يعطيني أعطاه الله، فكأنه قال من كان يظن أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة، فلهذا الظن يعدل عن التمسك بدين محمد ﷺ كما وصفه تعالى في قوله :﴿وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ﴾ [ الحج : ١١ ] فيبلغ غاية الجزع وهو الاختناق فإن ذلك لا يغلب التسمية ويجعله مرزوقاً.
أما قوله :﴿وكذلك أنزلناه ءايات بينات﴾ فمعناه ومثل ذلك الإنزال أنزلنا القرآن كله آيات بينات.
أما قوله :﴿وَأَنَّ الله يَهْدِى مَن يُرِيدُ﴾ فقد احتج أصحابنا به فقالوا : المراد من الهداية، إما وضع الأدلة أو خلق المعرفة والأول غير جائز لأنه تعالى فعل ذلك في حق كل المكلفين ولأن قوله :﴿يَهْدِى مَن يُرِيدُ﴾ دليل على أن الهداية غير واجبة عليه بل هي معلقة بمشيئته سبحانه ووضع الأدلة عند الخصم واجب فبقي أن المراد منه خلق المعرفة قال القاضي عبد الجبار في الاعتذار هذا يحتمل وجوهاً : أحدها : يكلف من يريد لأن من كلف أحداً شيئاً فقد وصفه له وبينه له.
وثانيها : أن يكون المراد يهدي إلى الجنة والإثابة من يريد ممن آمن وعمل صالحاً.