وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة ﴾
قال مقاتل : نزلت في نفر من أسد، وغطفان، قالوا : إِنا نخاف أن لا يُنْصَرَ محمدٌ، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود، وإِلى نحو هذا ذهب أبو حمزة الثمالي، والسدي.
وحكى أبو سليمان الدمشقي أن الإِشارة بهذه الآية إِلى الذين انصرفوا عن الإِسلام، لأن أرزاقهم ما اتَّسعت، وقد شرحنا القصة في قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف ﴾.
وفي هاء "ينصره" قولان.
أحدهما : أنها ترجع على "مَن"، والنصر : بمعنى الرزق، هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، وبه قال مجاهد.
قال أبو عبيدة : وقف علينا سائل من بني بكر، فقال : مَنْ ينصرني نصره الله، أي : من يعطيني أعطاه الله، ويقال : نصر المطر أرض كذا، أي : جادها، وأحياها، قال الراعي :
[ إِذا أدبر الشهر الحرام فودعي...
بلاد تميم ] وانْصُرِي أَرْضَ عَامِرِ
والثاني : أنها ترجع إِلى رسول الله ﷺ، فالمعنى : من كان يظن أن لن ينصر الله محمداً، رواه التميمي عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وقتادة.
قال ابن قتيبة : وهذه كناية عن غير مذكور، وكان قوم من المسلمين لشدة حنقهم على المشركين يستبطئون ما وعد الله رسوله من النصر، وآخرون من المشركين، يريدون اتَّباعه، ويخشَوْن أن لا يتم أمره، فقال هذه الآية للفريقين.
ثم في معنى [ هذا ] النصر قولان.
أحدهما : أنه الغلبة، قاله أبو صالح عن ابن عباس، والجمهور.
والثاني : أنه الرزق، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى :﴿ فليمدد بسبب إِلى السماء ﴾ في المراد بالسماء قولان.
أحدهما : سقف بيته، والمعنى : فليشدد حبلاً في سقف بيته، فليختنق به ﴿ ثم ليقطع ﴾ الحبل ليموت مختنقاً، هذا قول الأكثرين.
ومعنى الآية : ليصور هذا الأمر في نفسه لا أنه يفعله، لأنه إِذا اختنق لا يمكنه النظر والعلم.


الصفحة التالية
Icon