الخامس : أن تكون اللام زائدة للتوكيد، و﴿ من ﴾ مفعول بيدعو وهو ضعيف لأنه ليس من مواضع زيادة اللام، لكن يقويه قراءة عبد الله يدعو من ضره بإسقاط اللام، وأقرب التوجيهات أن يكون ﴿ يدعو ﴾ توكيداً ليدعو الأول ؛ واللام في ﴿ لمن ﴾ لام الابتداء، والخبر الجملة التي هي قسم محذوف، وجوابه ﴿ لبئس المولى ﴾ والظاهر أن ﴿ يدعو ﴾ يراد به النداء والاستغاثة.
وقيل : معناه بعيد، و﴿ المولى ﴾ هنا الناصر والعشير الصاحب المخالط.
ولما ذكر تعالى حالة من يعبده على حرف وسفه رأيه وتوعده بخسرانه في الآخرة عقبة بذكر حال مخالفيهم من أهل الإيمان وما وعدهم به من الوعد الحسن، ثم أخذ في توبيخ أولئك الأولين كأنه يقول هؤلاء العابدون على حرف صحبهم القلق وظنوا أن الله لن ينصر محمداً ( ﷺ ) وأتباعه، ونحن إنما أمرناهم بالصبر وانتظار وعدنا، فمن ظن غير ذلك فليمدد بسبب ويختلق وينظر هل يذهب بذلك غيظه، قال هذا المعنى قتادة، وهذا على جهة المثل السائر قولهم : دونك الحبل فاختنق، يقال ذلك للذي يريد من الأمر ما لا يمكنه، فعلى هذا تكون الهاء في ﴿ ينصره ﴾ للرسول ( ﷺ ) وهو قول ابن عباس والكلبي ومقاتل والضحاك وقتادة وابن زيد والسدّي، واختاره الفراء والزجاج فالمعنى إن لن ينصر الله محمداً في الدنيا بإعلاء كلمته وإظهار دينه، وفي الآخرة بإعلاء درجته والانتقام ممن كذبه، والرسول وإن لم يجر له ذكر في الآية ففيها ما يدل عليه وهو ذكر الإيمان في قوله ﴿ إن الله يدخل الذين آمنوا ﴾ وظانّ ذلك قوم من المسلمين لشدة غيظهم على المشركين، يستبطئون ما وعد الله رسوله من النصر أو أعراب استبطؤوا ظهور الرسول ( ﷺ ) فتباطؤوا عن الإسلام.
والظاهر أن الضمير في ﴿ ينصره ﴾ عائد على ﴿ من ﴾ لأنه المذكور، وحق الضمير أن يعود على المذكور وهو قول مجاهد.


الصفحة التالية
Icon