فصل
قال الفخر :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى ﴾
القراءة : قرى ﴿حَقّ﴾ بالضم وقرىء ( حقاً ) أي حق عليه العذاب حقاً وقرىء ﴿مُّكْرِمٍ﴾ بفتح الراء بمعنى الإكرام، واعلم أنه تعالى لما قال :﴿وَأَنَّ الله يَهْدِي مَن يُرِيدُ﴾ [ الحج : ١٦ ] أتبعه في هذه الآية ببيان من يهديه ومن لا يهديه، واعلم أن المسلم لا يخالفه في المسائل الأصولية إلا طبقات ثلاثة : أحدها : الطبقة المشاركة له في نبوة نبيه كالخلاف بين الجبرية والقدرية في خلق الأفعال البشرية والخلاف بين مثبتي الصفات والرؤية ونفاتها.
وثانيها : الذين يخالفونه في النبوة ولكن يشاركونه في الاعتراف بالفاعل المختار كالخلاف بين المسلمين واليهود والنصارى في نبوة محمد ﷺ وعيسى وموسى عليهما السلام.
وثالثها : الذين يخالفونه في الإله وهؤلاء هم السوفسطائية المتوقفون في الحقائق، والدهرية الذين لا يعترفون بوجود مؤثر في العالم، والفلاسفة الذين يثبتون مؤثراً موجباً لا مختاراً.
فإذا كانت الاختلافات الواقعة في أصول الأديان محصورة في هذه الأقسام الثلاثة، ثم لا يشك أن أعظم جهات الخلاف هو من جهة القسم الأخير منها.