وهذا القسم الأخير بأقسامه الثلاثة لا يوجدون في العالم المتظاهرين بعقائدهم ومذاهبهم بكل يكونون مستترين، أما القسم الثاني وهو الاختلاف الحاصل بسبب الأنبياء عليهم السلام، فتقسيمه أن يقال القائلون بالفاعل المختار، إما أن يكونوا معترفين بوجود الأنبياء، أو لا يكونوا معترفين بذلك، فإما أن يكونوا أتباعاً لمن كان نبياً في الحقيقة أو لمن كان متنبئاً، أما أتباع الأنبياء عليهم السلام فهم المسلمون واليهود والنصارى، وفرقة أخرى بين اليهود والنصارى وهم الصابئون، وأما أتباع المتنبىء فهم المجوس، وأما المنكرون للأنبياء على الإطلاق فهم عبدة الأصنام والأوثان، وهم المسمون بالمشركين، ويدخل فيهم البراهمة على اختلاف طبقاتهم.
فثبت أن الأديان الحاصلة بسبب الاختلافات في الأنبياء عليهم السلام هي هذه الستة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، قال قتادة ومقاتل الأديان ستة واحدة لله تعالى وهو الإسلام وخمسة للشيطان، وتمام الكلام في هذه الآية قد تقدم في سورة البقرة.
أما قوله :﴿إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
قال الزجاج هذا خبر لقول الله تعالى :﴿إِنَّ الذين ءَامَنُواْ﴾ كما تقول إن أخاك، إن الدين عليه لكثير.
قال جرير :
إن الخليفة إن الله سربله.. سربال ملك به ترجى الخواتيم
المسألة الثانية :
الفصل مطلق فيحتمل الفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعاً فلا يجازيهم جزاء واحداً بغير تفاوت ولا يجمعهم في موطن واحد وقيل يفصل بينهم يقضي بينهم.
أما قوله تعالى :﴿إِنَّ الله على كُلّ شَىْءٍ شَهِيدٌ﴾ فالمراد أنه يفصل بينهم وهو عالم بما يستحقه كل منهم فلا يجري في ذلك الفصل ظلم ولا حيف. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ١٧﴾