قال القشيري : والكافر الذي يقول الصنم معبودي لا يقول ضَرُّه أقربُ من نفعه ؛ ولكن المعنى يقول الكافر لمن ضره أقرب من نفعه في قول المسلمين معبودي وإلهي.
وهو كقوله تعالى :﴿ يا أيها الساحر ادع لَنَا رَبَّك ﴾ [ الزخرف : ٤٩ ] ؛ أي يا أيها الساحر عند أولئك الذين يدعونك ساحراً.
وقال الزجاج : يجوز أن يكون "يدعو" في موضع الحال، وفيه هاء محذوفة ؛ أي ذلك هو الضلال البعيد يدعوه، أي في حال دعائه إياه ؛ ففي "يدعو" هاء مضمرة، ويوقف على هذا على "يدعو".
وقوله :"لَمَنْ ضَرُّهُ أقربُ مِن نفعِهِ" كلام مستأنف مرفوع بالابتداء، وخبره "لَبِئْسَ الْمَوْلَى"، وهذا لأن اللام لليَمين والتوكيد فجعلها أوّل الكلام.
قال الزجاج : ويجوز أن يكون "ذلك" بمعنى الذي، ويكون في محل النصب بوقوع "يدعو" عليه ؛ أي الذي هو في الضلال البعيد يدعو ؛ كما قال :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا موسى ﴾ [ طه : ١٧ ] أي ما الذي.
ثم قوله :"لَمَنْ ضَرُّه" كلام مبتدأ، و"لَبِئْسَ الْمَوْلَى" خبر المبتدأ ؛ وتقدير الآية على هذا : يدعو الذي هو الضلال البعيد ؛ قدّم المفعول وهو الذي ؛ كما تقول : زيداً يضرب ؛ واستحسنه أبو عليّ.
وزعم الزجاج أن النحويين أغفلوا هذا القول ؛ وأنشد :
عَدَسْ ما لعبّادٍ عليك إمارةٌ...
نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلِين طَلِيق
أي والذي.
وقال الزجاج أيضاً والفَرّاء : يجوز أن يكون "يدعو" مكررّة على ما قبلها، على جهة تكثير هذا الفعل الذي هو الدعاء، ولا تُعدّيه إذ قد عدّيته أوّلاً ؛ أي يدعو من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره يدعو ؛ مثل ضربت زيداً ضربت، ثم حذفت يدعو الآخرة اكتفاء بالأولى.
قال الفرّاء : يجوز "لِمَنْ ضَرُّهُ" بكسر اللام ؛ أي يدعو إلى مَن ضره أقرب من نفعه، قال الله عز وجل :﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٥ ] أي إليها.


الصفحة التالية
Icon