فصل


قال الفخر :
ثم إنه سبحانه ذكر حكمه في المؤمنين من أربعة أوجه : أحدها : المسكن، وهو قوله :﴿إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾، وثانيها : الحلية، وهو قوله :﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ فبين تعالى أنه موصلهم في الآخرة إلى ما حرمه عليهم في الدنيا من هذه الأمور وإن كان من أحله لهم أيضاً شاركهم فيه لأن المحلل للنساء في الدنيا يسير بالإضافة إلى ما سيحصل لهم في الآخرة.
وثالثها : الملبوس وهو قوله :﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾، ورابعها : قوله :﴿وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول﴾ وفيه وجوه : أحدها : أن شهادة لا إله إلا الله هو الطيب من القول لقوله :﴿وَمَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً﴾ [ إبراهيم : ٢٤ ] وقوله :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب﴾ [ فاطر : ١٠ ] وهو صراط الحميد لقوله :﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ [ الشورى : ٥٢ ]، وثانيها : قال السدي ( وهدوا إلى الطيب من القول ) هو القرآن.
وثالثها : قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء هو قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده.
ورابعها : أنهم إذا ساروا إلى الدار الآخرة هدوا إلى البشارات التي تأتيهم من قبل الله تعالى بدوام النعيم والسرور والسلام، وهو معنى قوله :﴿والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار﴾ [ الرعد : ٢٣، ٢٤ ] وعندي فيه وجه.


الصفحة التالية
Icon