ذكروا في تفسير الخصمين وجوهاً : أحدها : المراد طائفة المؤمنين وجماعتهم وطائفة الكفار وجماعتهم وأن كل الكفار يدخلون في ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما يرجع إلى أهل الأديان الستة ﴿فِى رَبّهِمْ﴾ أي في ذاته وصفاته وثانيها : روي أن أهل الكتاب قالوا نحن أحق بالله وأقدم منكم كتاباً ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسداً، فهذه خصومتهم في ربهم وثالثها : روى قيس ابن عبادة عن أبي ذر الغفاري رحمه الله أنه كان يحلف بالله أن هذه الآية نزلت في ستة نفر من قريش تبارزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، وقال علي عليه السلام أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله تعالى يوم القيامة.
ورابعها : قال عكرمة : هما الجنة والنار قالت النار خلقني الله لعقوبته.
وقالت الجنة خلقني الله لرحمته فقص الله من خبرهما على محمد ﷺ ذلك، والأقرب هو الأول لأن السبب وإن كان خاصاً فالواجب حمل الكلام على ظاهره قوله :﴿هذان﴾ كالإشارة إلى من تقدم ذكره وهم أهل الأديان الستة، وأيضاً ذكر صنفين أهل طاعته وأهل معصيته ممن حق عليه العذاب، فوجب أن يكون رجوع ذلك إليهما، فمن خص به مشركي العرب أو اليهود من حيث قالوا في كتابهم ونبيهم ما حكيناه فقد أخطأ، وهذا هو الذي يدل عليه قوله :﴿إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾ [ الحج : ١٧ ] أراد به الحكم لأن ذكر التخاصم يقتضي الواقع بعده يكون حكماً فبين الله تعالى حكمه في الكفار، وذكر من أحوالهم أموراً ثلاثة : أحدها : قوله :﴿قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ﴾ والمراد بالثياب إحاطة النار بهم كقوله :