قال ابن الأنباري : وليس كما قال، لأنا إذا خفضنا "اللؤلؤ" نسقناه على لفظ الأساور، وإذا نصبناه نسقناه على تأويل الأساور ؛ وكأنا قلنا : يحلون فيها أساور ولؤلؤاً، فهو في النصب بمنزلته في الخفض، فلا معنى لقطعه من الأوّل.
قوله تعالى :﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ أي وجميع ما يلبَسونه من فُرُشهم ولباسهم وستورهم حرير، وهو أعلى مما في الدنيا بكثير.
وروى النَّسائيّ عن أبي هريرة أن النبيّ ﷺ قال :" من لبِس الحرير في الدنيا لم يلبَسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب فيها في الآخرة ثم قال رسول الله ﷺ : لباسُ أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة " فإن قيل : قد سوّى النبيّ ﷺ بين هذه الأشياء الثلاثة وأنه يُحْرمُها في الآخرة ؛ فهل يحرمها إذا دخل الجنة؟ قلنا : نعم! إذا لم يتب منها حُرِمها في الآخرة وإن دخل الجنة ؛ لاستعجاله ما حرم الله عليه في الدنيا.
لا يقال : إنما يُحْرَم ذلك في الوقت الذي يعذَّب في النار أو بطول مقامه في الموقف، فأما إذا دخل الجنة فلا ؛ لأن حرمان شيء من لذّات الجنة لمن كان في الجنة نوع عقوبةٍ ومؤاخذةٍ، والجنة ليست بدار عقوبة، ولا مؤاخذةَ فيها بوجه.
فإنا نقول : ما ذكرتموه محتمل، لولا ما جاء ما يدفع هذا الاحتمال ويردّه من ظاهر الحديث الذي ذكرناه.


الصفحة التالية
Icon