وقال أبو حيان :
﴿ إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾
ولما ذكر تعالى ما أعد لأحد الخصمين من العذاب ذكر ما أعد من الثواب للخصم الآخر.
وقرأ الجمهور ﴿ يُحلونْ ﴾ بضم الياء وفتح الحاء وتشديد الللام.
وقرىء بضم الياء والتخفيف.
وهو بمعنى المشدد.
وقرأ ابن عباس ﴿ يحلون ﴾ بفتح الياء واللام وسكون الحاء من قولهم : حلى الرجل وحليت المرأة إذا صارت ذات حلي والمرأة ذات حلي والمرأة حال.
وقال أبو الفضل الرازي : يجوز أن يكون من حَلي يعيني يحلى إذا استحسنته، قال فتكون ﴿ من ﴾ زائدة فيكون المعنى يستحسنون فيها الأساورة الملبوسة انتهى.
وهذا ليس بجيد لأنه جعل حلى فعلاً متعدياً ولذلك حكم بزيادة ﴿ من ﴾ في الواجب وليس مذهب البصريين، وينبغي على هذا التقدير أن لا يجوز لأنه لا يحفظ لازماً فإن كان بهذا المعنى كانت ﴿ من ﴾ للسبب أي بلباس أساور الذهب يحلون بعين من يراهم أي يحلى بعضهم بعين بعض.
قال أبو الفضل الرازي : ويجوز أن تكون ﴿ من ﴾ حليت به إذا ظفرت به، فيكون المعنى ﴿ يحلون فيها ﴾ بأساور فتكون ﴿ من ﴾ بدلاً من الباء، والحلية من ذلك فإما إذا أخذته من حليت به فإنه الحلية، وهو من الياء وإن أخذته من حلي بعيني فإنه من الحلاوة من الواو انتهى.
ومن معنى الظفر قولهم : لم يحل فلان بطائل، أي لم يظفر.
والظاهر أن ﴿ من ﴾ في ﴿ من أساور ﴾ للتبعيض وفي ﴿ من ذهب ﴾ لابتداء الغاية أي أنشئت من ذهب.
وقال ابن عطية :﴿ من ﴾ في ﴿ من أساور ﴾ لبيان الجنس، ويحتمل أن تكون للتبيعض.
وتقدم الكلام على نظير هذه الجملة في الكهف.
وقرأ ابن عباس من أسور بفتح الراء من غير ألف ولا هاء، وكان قياسه أن يصرفه لأنه نقص بناؤه فصار كجندل لكنه قدر المحذوف موجوداً فمنعه الصرف.