وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾
بيان لحسن حال المؤمنين إثر بيان سوء حال الكفرة، وغير الأسلوب فيه بإسناد الإدخال إلى الاسم الجامع وتصدير الجملة بحرف التحقيق وفصلها للاستئناف إيذاناً بكمال مباينة حالهم لحال الكفرة وإظهاراً لمزيد العناية بأمر المؤمنين ودلالة على تحقيق مضمون الكلام ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا ﴾ بالبناء للمفعول والتشديد من التحلية بالحلى أي تحليهم الملائكة عليهم السلام بأمره تعالى، وقوله تعالى :﴿ مِنْ أَسَاوِرَ ﴾ قيل متعلق بيحلون، و﴿ مِنْ ﴾ ابتدائية والفعل متعد لواحد وهو النائب عن الفاعل، وقيل : متعلق بمحذوف وقع صفة لمفعول محذوف ومن للبيان والفعل متعد لاثنين أحدهما النائب عن الفاعل والآخر الموصوف المحذوف أي يحلون حلياً أو شيئاً من أساور، وعلى القول بتعدي هذا الفعل لاثنين جوز أن تكون من للتبعيض واقعة موقع المفعول، وأن تكون زائدة على مذهب الأخفش من جواز زيادتها في الإيجاب و﴿ أَسَاوِرَ ﴾ مفعول ﴿ يُحَلَّوْنَ ﴾ وقوله تعالى :﴿ مّن ذَهَبٍ ﴾ صفة لأساور، و﴿ مِنْ ﴾ للبيان، وقيل : لابتداء الغاية أي أنشئت من ذهب، وقيل : للتبعيض وتعلقه بيحلون لا يخفى حاله، وقرىء ﴿ يُحَلَّوْنَ ﴾ بضم الياء والتخفيف، وهو على ما في "البحر" بمعنى المشدد، ويشعر كلام بعض أنه متعد لواحد وهو النائب الفاعل فمن أساور متعلق به ومن ابتدائية.
وقرأ ابن عباس ﴿ يُحَلَّوْنَ ﴾ بفتح الياء واللام وسكون الحاء من حليت المرأة إذا لبست حليها، وقال أبو حيان : إذا صارت ذات حلى، وقال أبو الفضل الرازي : يجوز أن يكون من حلى بعيني يحلى إذا استحسنته وهو في الأصل من الحلاوة وتكون من حينئذٍ زائدة، والمعنى يستحسنون فيها الأساورة، وقيل : هذا الفعل لازم ومن سببية، والمعنى يحلى بعضهم بعين بعض بسبب لباس أساور الذهب.


الصفحة التالية
Icon