وأما قوله :﴿لِلطَّائِفِينَ والقائمين﴾ فقال ابن عباس رضي الله عنهما للطائفين بالبيت من غير أهل مكة ﴿والقائمين﴾ أي المقيمين بها ﴿والركع السجود﴾ أي من المصلين من الكل، وقال آخرون القائمون وهم المصلون، لأن المصلي لا بد وأن يكون في صلاته جامعاً بين القيام والركوع والسجود، والله أعلم.
أما قوله تعالى :﴿وَأَذّن فِى الناس بالحج﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ ابن محيصن ﴿وآذِّن﴾ بمعنى أعلم.
المسألة الثانية :
في المأمور قولان : أحدهما : وعليه أكثر المفسرين أنه هو إبراهيم عليه السلام قالوا لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قال سبحانه :﴿وَأَذّن فِى الناس بالحج﴾ قال يا رب وما يبلغ صوتي ؟ قال عليك الأذان وعلى البلاغ.
فصعد إبراهيم عليه السلام الصفا وفي رواية أخرى أبا قبيس، وفي رواية أخرى على المقام قال إبراهيم كيف أقول ؟ قال جبريل عليه السلام : قل لبيك اللهم لبيك فهو أول من لبى، وفي رواية أخرى أنه صعد الصفا فقال : يا أيها الناس إن الله كتب عليكم حج البيت العتيق فسمعه ما بين السماء والأرض، فما بقي شيء سمع صوته إلا أقبل يلبي يقول : لبيك اللهم لبيك، وفي رواية أخرى إن الله يدعوكم إلى حج البيت الحرام ليثيبكم به الجنة ويخرجكم من النار، فأجابه يومئذ من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وكل من وصل إليه صوته من حجر أو شجر ومدر وأكمة أو تراب، قال مجاهد : فما حج إنسان ولا يحج أحد حتى تقوم الساعة إلا وقد أسمعه ذلك النداء، فمن أجاب مرة حج مرة، ومن أجاب مرتين أو أكثر.