اعلم أن قوله تعالى :﴿لَكُمْ فِيهَا منافع إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ لا يليق إلا بأن تحمل الشعائر على الهدي الذي فيه منافع إلى وقت النحر، ومن يحمل ذلك على سائر الواجبات يقول لكم فيها أي في التمسك بها منافع إلى أجل ينقطع التكليف عنده، والأول هو قول جمهور المفسرين، ولا شك أنه أقرب.
وعلى هذا القول فالمنافع مفسرة بالدر والنسل والأوبار وركوب ظهورها، فأما قوله ﴿إلى أجل مسمى﴾ ففيه قولان : أحدهما : أن لكم أن تنتفعوا بهذه البهائم إلى أن تسموها ضحية وهدياً فإذا فعلتم ذلك فليس لكم أن تنتفعوا بها، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة والضحاك وقال آخرون ﴿لكم فيها﴾ أي في البدن ﴿منافع﴾ مع تسميتها هدياً بأن تركبوها إن احتجتم إليها وأن تشربوا ألبانها إذا اضطررتم إليها ﴿إلى أجل مسمى﴾ يعني إلى أن تنحروها هذه هي الرواية الثانية عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو اختيار الشافعي، وهذا القول أولى لأنه تعالى قال :﴿لَكُمْ فِيهَا منافع﴾ أي في الشعائر ولا تسمى شعائر قبل أن تسمى هدياً وروى أبو هريرة أنه عليه السلام " مر برجل يسوق بدنة وهو في جهد، فقال عليه السلام اركبها فقال يا رسول الله إنها هدى فقال اركبها ويلك " وروى جابر عن رسول الله ﷺ أنه قال :" اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهراً " واحتج أبو حنيفة رحمه الله على أنه لا يملك منافعها بأن لا يجوز له أن يؤجرها للركوب فلو كان مالكاً لمنافعها لملك عقد الإجارة عليها كمنافع سائر المملوكات، وهذا ضعيف لأن أم الولد لا يمكنه بيعها، ويمكنه الانتفاع بها فكذا ههنا.


الصفحة التالية