فصل
قال الفخر :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) ﴾
اعلم أنه تعالى لما بين ما يلزم الحج ومناسكه وما فيه من منافع الدنيا والآخرة، وقد ذكرنا من قبل أن الكفار صدوهم أتبع ذلك ببيان ما يزيل الصد ويؤمن معه التمكن من الحج فقال :﴿إِنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الذين ءَامَنُواْ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع بالألف ومثله ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ الله﴾ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بغير ألف فيهما.
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم ﴿إِنَّ الله يُدَافِعُ﴾ بالألف ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ﴾ بغير ألف، فمن قرأ يدافع فمعناه يبالغ في الدفع عنهم، وقال الخليل يقال دفع الله المكروه عنك دفعاً ودافع عنك دفاعاً والدفاع أحسنهما.
المسألة الثانية :
ذكر ﴿إِنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الذين ءامَنُواْ﴾ ولم يذكر ما يدفعه حتى يكون أفخم وأعظم وأعم، وإن كان في الحقيقة أنه يدافع بأس المشركين.
فلذلك قال بعده ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ فنبه بذلك على أنه يدفع عن المؤمنين كيد من هذا صفته.
المسألة الثالثة :
قال مقاتل : إن الله يدافع كفار مكة عن الذين آمنوا بمكة، هذا حين أمر المؤمنين بالكف عن كفار مكة قبل الهجرة حين آذوهم فاستأذنوا النبي ﷺ في قتلهم سراً فنهاهم.
المسألة الرابعة :
هذه الآية بشارة للمؤمنين بإعلائهم على الكفار وكف بوائقهم عنهم وهي كقوله :﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى﴾ [ آل عمران : ١١١ ] وقوله :﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين ءَامَنُواْ﴾ [ غافر : ٥١ ] وقال :﴿إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون﴾ [ الصافات : ١٧٢ ] ﴿وأخرى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [ الصف : ١٣ ].