أما قوله تعالى :﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ فالمعنى أنه سبحانه جعل العلة في أنه يدافع عن الذين آمنوا أن الله لا يحب صدهم، وهو الخوان الكفور أي خوان في أمانة الله كفور لنعمته ونظيره قوله :﴿لاَ تَخُونُواْ الله والرسول وَتَخُونُواْ أماناتكم﴾ [ الأنفال : ٢٧ ] قال مقاتل أقروا بالصانع وعبدوا غيره فأي خيانة أعظم من هذه ؟
أما قوله تعالى :﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يقاتلون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم في رواية حفص ﴿أَذِنَ﴾ بضم الألف والباقون بفتحها أي أذن الله لهم في القتال، وقرأ أهل المدينة وعاصم ﴿يقاتلون﴾ بنصب التاء، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ﴿أَذِنَ﴾ بنصب الف ﴿ويقاتلون﴾ بكسر التاء.
قال الفراء والزجاج : يعني أذن الله للذين يحرصون على قتال المشركين في المستقبل، ومن قرأ بفتح التاء فالتقدير أذن للذين يقاتلون في القتال.
المسألة الثانية :
في الآية محذوف والتقدير أذن للذين يقاتلون في القتال فحذف المأذون فيه لدلالة يقاتلون عليه.
أما قوله :﴿بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ﴾ فالمراد أنهم أذنوا في القتال بسبب كونهم مظلومين وهم أصحاب رسول الله ﷺ كان مشركوا مكة يؤذونهم أذى شديداً وكانوا يأتون رسول الله ﷺ من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه فيقول لهم اصبروا فإني لم أومر بقتال حتى هاجر فأنزل الله تعالى هذه الآية وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية، وقيل نزلت في قوم خرجوا مهاجرين فاعترضهم مشركوا مكة فأذن في مقاتلتهم.
أما قوله :﴿وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ فذلك وعد منه تعالى بنصرهم كما يقول المرء لغيره إن أطعتني فأنا قادر على مجازاتك لا يعني بذلك القدرة بل يريد أنه سيفعل ذلك.


الصفحة التالية
Icon