"و كلها سوى طريق سعيد بن جبير، إما ضعيف وإما منقطع، ولكن لكثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلاً، مع أن لها طريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط "الصحيحين" (ثم ذكر الرواية الثانية والثالثة ثم قال: ) وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها، وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين، لم يسندها أحد منهم، ثم ردّه من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك انتهى. وجميع ذلك لا يتمشى مع القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دلّ ذلك على أن لها أصلاً، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لا اعتضاد بعضها ببعض".
قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها:
والجواب عن ذلك من وجوه:
أولاً: أن القاعدة التى أشار إليها، وهي تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وقد نبّه على ذلك غير واحد من علماء الحديث المحققين، منهم الحافظ أبو عمر بن الصلاح حيث قال رحمه الله في "مقدمة علوم الحديث" (ص٣٦- ٣٧):
"لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها، مع كونها قد رُويَت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة، مثل حديث: "الأذنان من الرأس" ونحوه، فهلاّ جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن لأن بعض ذلك عضد بعضاً كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفاً؟!