"ثم اعلم أن حكم المُرسَل حكم الحديث الضعيف، إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر كما سبق بيانه... وما ذكرناه من سقوط الإحتجاج بالمرسل والحكم بضَعفه، هو المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفّاظ الحديث، ونقاد الأثر، وقد تداولوه في تصانيفهم".
الأمر الثاني: معرفة سبب عدم احتجاج المحدثيين بالمُرسَل من الحديث، فاعلم أن سبب ذلك إنما هو جَهالة الوساطة التي روى عنها المُرسِل الحديث، وقد بيّن ذلك الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية" حيث قال (ص ٢٨٧) بعد أن حكى الخلاف بالعمل المرسل:
"و الذي نختاره سقوط فرض العمل بالمراسيل، وأن المرسل غير مقبول، والذي يدل على ذلك أن إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه، ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه، وقد بيّنا من قبل أنه لا يجوز قبول الخبر إلا ممن عرفت عدالته، فوجب كذلك كونه غير مقبول، وأيضاً فإن العدل لو سئل عمن أرسل عنه؟ فلم يُعدّله، لم يجب العمل بخبره، إذا لم يكن معروف العدالة من جهة غيره، وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره وتعديله، لأنه من الإمساك عن ذكره غير مُعدّل له، فوجب أن لا يقبل الخبر عنه".
وقال الحافظ ابن حجر في "شرح نخبة الأفكار" (ص١٧) بعد أن ذكر الحديث المرسل في "أنواع الحديث المردود":