ولما كان في سياق الإنذار، قال معبراً بالماضي زيادة في التخويف :﴿والذين سعوا﴾ أي أوقعوا السعي ولو مرة واحدة بشبهة من الشبه ونحوها ﴿في آياتنا﴾ أي التي نصبناها للدلالة علينا مرئية أو مسموعة ﴿معاجزين﴾ أي مبالغين في فعل ما يلزم - في زعمهم - منه عجزنا، ومعجزين، أي مقدرين أنهم يعجزوننا بإخفائهم آياتنا، وإضلال الناس وصدهم عهنا بألقاء الشبه والجدال، اتباعاً للشيطان المريد، من غير علم ولا هدى ولا كتب منير كشبه الاتحادية الذين راج أمرهم على كثير من الناس مع أنه لا شيء أوهى من شبههم ولا أظهر بطلاناً، ولذلك راج أمرها على أهل الغباوة، فإن الداعية منهم يقول لمن يغره : هذا الظاهر من الكلام لا يقول به عاقل، فالمراد به أسرار دقيقة، وراء طور العقل، لا يوصل إليه إلا بالرياضة والكشف، وما درى المغرور أن أبا طالب كان أعقل من هذا الذي ينسب إليه ذلك الكفر الظاهر، فإن شعره أحسن من شعره، وبديهته أعظم من بديهته، ورؤيته أحكم من رؤيته، وقد رأى من الآيات من النبي ـ ﷺ ـ ما لا مزيد عليه، مع أن له من القرابة ما هو معروف، ومن المحبة ما يفوت الحصر، ومع ذلك فقد أصرّ من الضلال ما لا يرضاه حمار لو نطق، على أن هذا المغرور قد لزمه - بتحسين الظن بهؤلاء الكفرة - إساءة الظن بأشرف الخلق : النبي ـ ﷺ ـ في قوله