وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾
يعني يوم القيامة هو لله وحده لا منازع له فيه ولا مدافع.
والملك هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور.
ثم بيّن حكمه فقال :﴿ فالذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فِي جَنَّاتِ النعيم والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآياتِنَا فأولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾.
قلت : وقد يحتمل أن تكون الإشارة ب"يومئذٍ" ليوم بَدْر، وقد حكم فيه بإهلاك الكافر وسعادة المؤمن ؛ وقد " قال عليه السلام لعمر "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم" "
﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾
أفرد ذكر المهاجرين الذين ماتوا وقُتلوا تفضيلاً لهم وتشريفاً على سائر الموتى.
وسبب نزول هذه الآية أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مَظْعُون وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قُتل في سبيل الله أفضلُ ممن مات حَتْف أنفه ؛ فنزلت هذه الآية مُسَوِّيةً بينهم، وأن الله يرزق جميعهم رزقاً حسناً.
وظاهر الشريعة يدل على أن المقتول أفضل.
وقد قال بعض أهل العلم : إن المقتول في سبيل الله والميتَ في سبيل الله شهيد ؛ ولكن للمقتول مَزِيّة ما أصابه في ذات الله.


الصفحة التالية
Icon