فصل
قال الفخر :
أما قوله :﴿ذلك وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ الله إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿ذلك﴾ قد مضى الكلام فيه في هذه الآية في هذه السورة.
وقال الزجاج أي الأمر ما قصصنا عليك من إنجاز الوعد للمهاجرين الذين قتلوا أو ماتوا.
المسألة الثانية :
قوله :﴿ذلك وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ﴾ معناه : قاتل من كان يقاتله، ثم كان المقاتل مبغياً عليه بأن اضطر إلى الهجرة ومفارقة الوطن وابتدىء بالقتال، قال مقاتل : نزلت في قوم من المشركين لقوا قوماً من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم، فقال بعضهم لبعض : إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون أن يكفوا عن قتالهم لحرمة الشهر، فأبوا وقاتلوهم.
فذلك بغيهم عليهم، وثبت المسلمون لهم فنصروا عليهم.
فوقع في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام ما وقع، فأنزل الله تعالى هذه الآية : وعفا عنهم وغفر لهم وههنا سؤالات :
السؤال الأول : أي تعلق لهذه الآية بما قبلها ؟ الجواب : كأنه سبحانه وتعالى قال مع إكرامي لهم في الآخرة بهذا الوعد لا أدع نصرتهم في الدنيا على من بغى عليهم.
السؤال الثاني : هل يرجع ذلك إلى المهاجرين خاصة أو إليهم وإلى المؤمنين ؟ الجواب : الأقرب أنه يعود إلى الفريقين فإنه تقدم ذكرهما، وبين ذلك قوله تعالى :﴿لَيَنصُرَنَّهُ الله﴾ وبعد القتل والموت لا يمكن ذلك في الدنيا.