لا شبهة في أن الرزق الحسن هو نعيم الجنة، وقال الأصم إنه العلم والفهم كقول شعيب عليه السلام ﴿وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ [ هود : ٨٨ ] فهذا في الدنيا وفي الآخرة الجنة، وقال الكلبي رزقاً حسناً حلالاً وهو الغنيمة وهذان الوجهان ضعيفان، لأنه تعالى جعله جزاء على هجرتهم في سبيل الله بعد القتل والموت وبعدهما لا يكون إلا نعيم الجنة.
المسألة الثانية :
لا بد من شرط اجتناب الكبائر في كل وعد في القرآن لأن هذا المهاجر لو ارتكب كبيرة لكان حكمه في المشيئة على قولنا، ولخرج عن أن يكون أهلاً للجنة قطعاً على قول المعتزلة.
فإن قيل فما فضله على سائر المؤمنين في الوعد إن كان كما قلتم ؟ قلنا فضلهم يظهر لأن ثوابهم أعظم وقد قال تعالى :﴿لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح وقاتل﴾ [ الحديد : ١٠ ] فمعلوم أن من هاجر مع الرسول ﷺ وفارق دياره وأهله لتقويته ونصرة دينه مع شدة قوة الكفار وظهور صولتهم صار فعله كالسبب لقوة الدين، وعلى هذا الوجه عظم محل الأنصار حتى صار ذكرهم والثناء عليهم تالياً لذكر المهاجرين لما آووه ونصروه.
المسألة الثالثة :