" كم من قائم حظه من قيامه التعب والنصب " وما أراد به إلا الغافل، وقال أيضاً :" ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل " وسادسها : قال الغزالي رحمه الله : المصلي يناجي ربه كما ورد به الخبر والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة ألبتة، وبيانه أن الإنسان إذا أدى الزكاة حال الغفلة فقد حصل المقصود منها على بعض الوجوه، وهو كسر الحرص وإغناء الفقير، وكذا الصوم قاهر للقوى كاسر لسطوة الهوى التي هي عدوة الله تعالى.
فلا يبعد أن يحصل منه مقصوده مع الغفلة، وكذا الحج أفعال شاقة، وفيه من المجاهدة ما يحصل به الابتلاء سواء كان القلب حاضراً أو لم يكن.
أما الصلاة فليس فيها إلا ذكر وقراءة وركوع وسجود وقيام وقعود، أما الذكر فإنه مناجاة مع الله تعالى.
فإما أن يكون المقصود منه كونه مناجاة، أو المقصود مجرد الحروف والأصوات، ولا شك في فساد هذا القسم فإن تحريك اللسان بالهذيان ليس فيه غرض صحيح.
فثبت أن المقصود منه المناجاة وذلك لا يتحقق إلا إذا كان اللسان معبراً عما في القلب من التضرعات فأي سؤال في قوله ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [ الفاتحة : ٦ ] وكان القلب غافلاً عنه ؟ بل أقول لو حلف إنسان، وقال : والله لأشكرن فلاناً وأثني عليه وأسأله حاجة.


الصفحة التالية
Icon