وقال القرطبى فى الآيات السابقة :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) ﴾
فيه تسع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ روى البَيْهَقِيّ من حديث أنس عن النبيّ ﷺ أنه قال :" لما خلق الله جنة عَدْن وغرس أشجارها بيده قال لها تكلّمي فقالت قد أفلح المؤمنون " وروى النّسائِيّ عن عبد الله بن السائب قال : حضرتُ رسول الله ﷺ يوم الفتح فصلّى في قِبَل الكعبة، فخلع نعليه فوضعهما عن يساره فافتتح سورة المؤمنين، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سَعْلة فركع.
خرجه مسلم بمعناه.
وفي الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :" كان النبيّ ﷺ إذا أنزل عليه الوحي سُمع عند وجهه كدَوِيّ النحل ؛ وأنزل عليه يوما فمكثنا عنده ساعةً فسُرِّيَ عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه وقال :"اللَّهُمَّ زِدْنا ولا تنقصنا وارضنا وارض عنّا ثم قال أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ قد أفلح المؤمنون" " حتى ختم عشر آيات ؛ صحّحه ابن العربي.
وقال النحاس : معنى "من أقامهن" من أقام عليهن ولم يخالف ما فيهن ؛ كما تقول : فلان يقوم بعمله.
ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الوضوء والحج فدخل معهن.
وقرأ طلحة بن مُصَرِّف "قد أُفْلح المؤمنون" بضم الألف على الفعل المجهول ؛ أي أُبْقُوا في الثواب والخير.
وقد مضى في أوّل "البقرة" معنى الفلاح لغةً ومعنى، والحمد لله وحده.
الثانية : قوله تعالى :﴿ خَاشِعُونَ ﴾ روى المُعْتَمِر عن خالد عن محمد بن سِيرين قال : كان النبيّ ﷺ ينظر إلى السماء في الصلاة ؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية ﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾.
فجعل رسول الله ﷺ ينظر حيث يسجد.