وقال أبو حيان :
﴿ والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ راعون ﴾
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو في رواية لأمانتهم بالإفراد وباقي السبعة بالجمع، والظاهر عموم الأمانات فيدخل فيها ما ائتمن تعالى عليه العبد من قول وفعل واعتقاد، فيدخل في ذلك جميع الواجبات من الأفعال والتروك وما ائتمنه الإنسان قبل، ويحتمل الخصوص في أمانات الناس.
والأمانة : هي الشيء المؤتمن عليه ومراعاتها القيام عليها لحفظها إلى أن تؤدى، والأمانة أيضاً المصدر وقال تعالى ﴿ إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها ﴾ والمؤدى هو العين المؤتمن عليه أو القول إن كان المؤتمن عليه لا المصدر.
وقرأ الإخوان على صلاتهم بالتوحيد، وباقي السبعة بالجمع.
والخشوع والمحافظة متغايران بدأ أولاً بالخشوع وهو الجامع للمراقبة القلبية والتذلل بالأفعال البدنية، وثنى بالمحافظة وهي تأديتها في وقتها بشروطها من طهارة المصلي وملبوسه ومكانه وأداء أركانها على أحسن هيئاتها ويكون ذلك دأبه في كل وقت.
قال الزمخشري : ووحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أي صلاة كانت، وجمعت آخراً لتفاد المحافظة على إعدادها وهي الصلوات الخمس والوتر والسنن المرتبة مع كل صلاة وصلاة الجمعة والعيدين والجنازة والاستسقاء والكسوف والخسوف وصلاة الضحى والتهجد وصلاة التسبيح وصلاة الحاجة وغيرها من النوافل.
﴿ أولئك ﴾ أي الجامعون لهذه الأوصاف ﴿ هم الوارثون ﴾ الأحقاء أن يسموا ورّاثاً دون من عداهم، ثم ترجم الوارثين بقوله ﴿ الذين يرثون الفردوس ﴾ فجاء بفخامة وجزالة لإرثهم لا تخفى على الناظر، ومعنى الإرث ما مر في سورة مريم انتهى.
وتقدم الكلام في ﴿ الفردوس ﴾ في آخر الكهف. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon