قالت المعتزلة الآية تدل على أن كل ما خلقه حسن وحكمة وصواب وإلا لما جاز وصفه بأنه أحسن الخالقين، وإذا كان كذلك وجب أن لا يكون خالقاً للكفر والمعصية فوجب أن يكون العبد هو الموجد لهما ؟ والجواب : من الناس من حمل الحسن على الإحكام والاتقان في التركيب والتأليف، ثم لو حملناه على ما قالوه فعندنا أنه يحسن من الله تعالى كل الأشياء لأنه ليس فوقه أمر ونهي حتى يكون ذلك مانعاً له عن فعل شيء.
المسألة الثالثة :
روى الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب هذه الآيات لرسول الله ﷺ فلما انتهى إلى قوله تعالى :﴿خَلْقاً ءَاخَرَ﴾ عجب من ذلك فقال :﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ فقال رسول الله ﷺ :" اكتب فهكذا نزلت " فشك عبد الله وقال إن كان محمد صادقاً فيما يقول فإنه يوحى إلي كما يوحى إليه، وإن كان كاذباً فلا خير في دينه فهرب إلى مكة فقيل إنه مات على الكفر، وقيل إنه أسلم يوم الفتح، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية قال عمر بن الخطاب :﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ فقال رسول الله ﷺ " هكذا نزلت يا عمر.
" وكان عمر يقول : وافقني ربي في أربع، في الصلاة خلف المقام، وفي ضرب الحجاب على النسوة، وقولي لهن : لتنتهن أو ليبدلنه الله خيراً منكن، فنزل قوله تعالى :﴿عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أزواجا خَيْراً مّنكُنَّ﴾ [ التحريم : ٥ ] والرابع قلت :﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ فقال هكذا نزلت.