وقال ابن عطية :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ﴾
هذا ابتداء كلام والواو في أوله عاطفة جملة الكلام على جملة وإن تباينت في المعاني، واختلف المفسرون في قوله ﴿ الإنسان ﴾ فقال قتادة وغيره : أراد آدم عليه السلام لأنه استل من الطين ع ويجيء الضمير في قوله ﴿ ثم جعلناه ﴾ عائداً على ابن آدم وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر وأن المعنى لا يصلح إلا له، نظير ذلك ﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ] وغيره، وقال ابن عباس وغيره المراد بقوله ﴿ الإنسان ﴾ ابن آدم، و﴿ سلالة من طين ﴾ صفوة الماء ع وهذا على أنه اسم الجنس ويترتب فيه أَنه سلالة من حيث كان الكل عن آدم أو عن أبويه المتغذيين بما يكون من الماء والطين وذلك السبع الذي جعل الله رزق ابن آدم، وسيجيء قول ابن عباس فيها إن شاء الله، وعلى هذا يجيء قول ابن عباس : إن " السلالة " هي صفوة الماء يعني المني، وقال مجاهد ﴿ سلالة من طين ﴾ : مني آدم ع وهذا نبيل إذ آدم طين وذريته من سلالة، وما يكون عن الشيء فهو سلالته، وتختلف وجوه ذلك الكون فمنه قولهم للخمر سلالة لأنها سلالة العنب ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
إذا أنتجت منها المهار تشابهت... على العود إلا بالأنوف سلائله
ومن اللفظ قول هند بنت النعمان بن بشير :
سليلة أفراس تجللها بغل... ومنه قول الآخر [ حسان بن ثابت ] :[ الطويل ]
فجاءت به عضب الأديم غضنفراً... سلالة فرج كان غير حصين


الصفحة التالية
Icon