وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ﴾
سبق أن تكلمنا عن خَلْق الإنسان، وعرفنا أن الخالق - عز وجل - خلق الإنسان الأول، وهو آدم عليه السلام من طين، ومن أبعاضه خلق زوجه، ثم بالتزاوج جاء عامة البشر كما قال تعالى :﴿ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً ﴾ [ النساء : ١ ].
ومسألة خَلْق السماء والأرض والناس مسألة احتفظ الله بها، ولم يطلع عليها أحد، كما قال سبحانه :﴿ مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً ﴾ [ الكهف : ٥١ ].
فلا تُصْغ إلى هؤلاء المضلين في كل زمان ومكان، الذين يدَّعون العلم والمعرفة، ونسمعهم يقولون : إن العالم كان كتلة واحدة تدور بسرعة فانفصل عنها أجزاء كوَّنَت الأرض.. الخ وعن الإنسان يقولون : كان أصله قرداً، إلى آخر هذه الخرافات التي لا أساس لها من الصحة.
لذلك أعطانا الله تعالى المناعة الإيمانية التي تحمينا أنْ ننساق خلف هذه النظريات، فأخبرنا سبحانه خبر هؤلاء وحذرنا منهم ؛ لأنهم ما شهدوا شيئاً من الخَلْق، ولم يتخذهم الله أعواناً فيقولون مثل هذا الكلام. إذن : هذا أمر استأثر الله بعلمه، فلا تأخذوا علمه إلاَّ مما أخبركم الله به.
وكلمة الإنسان اسم جنس تطلق على المفرد والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث، فكل واحد منا إنسان، بدليل أن الله تعالى استثنى من المفرد اللفظ جمعاً في قوله تعالى :﴿ والعصر * إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الذين آمَنُواْ.. ﴾ [ العصر : ١ - ٣ ] فاستثنى من المفرد الجماعة.


الصفحة التالية
Icon