وقال الآلوسى :
﴿ قَالَ ﴾ استئناف بياني كأنه قيل : فماذا قال عليه السلام بعد ما سمع منهم هذه الأباطيل؟ فقيل : قال لما رآهم قد أصروا على ما هم فيه وتمادوا على الضلال حتى يئس من إيمانهم بالكلية وقد أوحى إليه ﴿ وَأُوحِىَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ ﴾ [ هود : ٣٦ ] ﴿ رَبّ انصرنى ﴾ بإهلاكهم بالمرة بناءً على أنه حكاية إجمالية لقوله عليه السلام :﴿ رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾ [ نوح : ٢٦ ] الخ، والباء في قوله تعالى :﴿ بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ للسببية أو للبدل وما مصدرية أي بسبب تكذيبهم إياي أو بدل تكذيبهم، وجوز أن تكون الباء آلية وما موصولة أي انصرني بالذي كذبوني به وهو العذاب الذي وعدتهم إياه ضمن قولي :﴿ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [ الأعراف : ٥٩ ] وحاصله انصرني بإنجاز ذلك، ولا يخفى ما في حذف مثل هذا العائد من الكلام.
وقرأ أبو جعفر.
وابن محيصن ﴿ رَبّ ﴾ بضم الباء ولا يخفى وجهه.
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ﴾ عقيب ذلك، وقيل : بسبب ذلك ﴿ أَنِ اصنع الفلك ﴾ ﴿ إن ﴾ مفسرة لما في الوحي من معنى القول ﴿ بِأَعْيُنِنَا ﴾ ملتبساً بمزيد حفظنا ورعايتنا لك من التعدي أو من الزيغ في الصنع ﴿ وَوَحْيِنَا ﴾ وأمرنا وتعليمنا لكيفية صنعها، والفاء في قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾ لترتيب مضمون ما بعدها على إتمام صنع الفلك، والمراد بالأمر العذاب كما في قوله تعالى :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله ﴾ [ هود : ٤٣ ] فهو واحد الأمور لا الأمر بالركوب فهو واحد الأوامر كما قيل، والمراد بمجيئه كمال اقترابه أو ابتداء ظهوره أي إذا جاء أثر تمام الفلك عذابنا، وقوله سبحانه :﴿ وَفَارَ التنور ﴾ بيان وتفسير لمجىء الأمر.