فصل


قال الفخر :
﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) ﴾
القصة الثانية قصة هود أو صالح عليهما السلام
اعلم أن هذه القصة هي قصة هود عليه السلام في قول ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر المفسرين واحتجوا عليه بحكاية الله تعالى قول هود عليه السلام :﴿واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [ الأعراف : ٦٩ ] ومجيء قصة هود عقيب قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء.
وقال بعضهم المراد بهم صالح وثمود، لأن قومه الذين كذبوه هم الذين هلكوا بالصيحة، أما كيفية الدعوى فكما تقدم في قصة نوح عليه السلام وههنا سؤالات :
السؤال الأول : حق ﴿أُرْسِلَ﴾ أن يتعدى بإلى كأخواته التي هي وجه وأنفذ وبعث فلم عدى في القرآن بإلى تارة وبفي أخرى كقوله تعالى :﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ﴾ [ الرعد : ٣٠ ] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ﴾ [ الأعراف : ٩٤ ] ﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً﴾ [ المؤمنون : ٣٢ ] أي في عاد، وفي موضع آخر ﴿وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا﴾ [ هود : ٥٠ ] ؟ الجواب : لم يعد بفي كما عدي بإلى ولكن الأمة أو القرية جعلت موضعاً للإرسال وعلى هذا المعنى جاء بعث في قوله :﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً﴾ [ الفرقان : ٥١ ].
السؤال الثاني : هل يصح ما قاله بعضهم أن قوله :﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ غير موصول بالأول، وإنما قاله لهم بعد أن كذبوه، وردوا عليه بعد إقامة الحجة عليهم فعند ذلك قال لهم مخوفاً مما هم عليه ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ هذه الطريقة مخافة العذاب الذي أنذرتكم به ؟ الجواب : يجوز أن يكون موصولاً بالكلام الأول بأن رآهم معرضين عن عبادة الله مشتغلين بعبادة الأوثان، فدعاهم إلى عبادة الله وحذرهم من العقاب بسبب إقبالهم على عبادة الأوثان.


الصفحة التالية
Icon