وقال ابن عطية :
﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) ﴾
قال الطبري رحمه الله : ان هذا " القرن " هم ثمود و" رسولهم " صالح.
قال القاضي أبو محمد : وفي جل الروايات ما يقتضي أن قوم عاد أقدم إلا أَنهم لم يهلكوا بصيحة، وفي هذا احتمالات كثيرة والله أعلم، ﴿ وأترفناهم ﴾ معناه نعمناهم وبسطنا لهم الآمال والأرزاق، ومقالة هؤلاء أيضاً تقتضي استبعاد بعثة البشر وهذه طائفة وقوم نوح لم يذكر في هذه الآيات أن المعجزة ظهرت لهم وأَنهم كذبوا بعد وضوحها ولكن مقدر معلوم وإن لم تعين لنا المعجزة والعقاب لا يتعلق بأحد إلا بعد تركه الواجب عليه، ووجوب الاتباع إنما هو بعد قيام الحجة على المرء أو على من هو المقصد، والجمهور كالعرب في معجزة القرآن والأطباء لعيسى، والسحرة لموسى، فبقيام الحجة على هؤلاء قامت على جميع من وراءهم.
قوله ﴿ أيعدكم ﴾ استفهام بمعنى التوقيف على جهة الاستبعاد وبمعنى الهزء بهذا الوعد.
و﴿ أنكم ﴾ الثانية بدل من الأولى عند سيبويه وفيه معنى تأكيد الأولى وكررت لطول الكلام، وكأن المبرد أبى عبارة البدل لكونه من غير مستقل اذا لم يذكر خبر " أن " الأولى والخبر عن سيبويه محذوف تقديره أنكم تبعثون إذا متم، وهذا المقدر هو العامل في ﴿ إذا ﴾ وفي قراءة عبدالله بن مسعود " أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون " بحذف ﴿ أنكم ﴾ الأولى، ويعنون بالإخراج النشور من القبور. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾