وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) ﴾
ذكر هذه القصة عقيب قصة نوح، يظهر أن هؤلاء هم قوم هود والرسول هو هود عليه السلام وهو قول الأكثرين.
وقال أبو سليمان الدمشقي والطبري : هم ثمود، والرسول صالح عليه السلام هلكوا بالصيحة.
وفي آخر القصة ﴿ فأخذتهم الصيحة ﴾ ولم يأت أن قوم هود هلكوا بالصيحة وقصة قوم هود جاءت في الأعراف، وفي هود، وفي الشعراء بأثر قصة قوم نوح.
وقال تعالى ﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ﴾ والأصل في أرسل أن يتعدى بإلى كإخوانه وجه، وأنفذ وبعث وهنا عُدِّي بفي، جعلت الأمة موضعاً للإرسال كما قال رؤبة :
أرسلت فيها مصعباً ذا إقحام...
وجاء بعث كذلك في قوله ﴿ ويوم نبعث في كل أمة ﴾ ﴿ ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً ﴾ و﴿ إن ﴾ في ﴿ أن اعبدوا الله ﴾ يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية وجاء هنا ﴿ وقال الملأ ﴾ بالواو.
وفي الأعراف وسورة هود في قصه بغير واو قصد في الواو العطف على ما قاله، أي اجتمع قوله الذي هو حق، وقولهم الذي هو باطل كأنه إخبار بتباين الحالين والتي بغير واو قصد به الاستئناف وكأنه جواب لسؤال مقدر، أي فما كان قولهم له قال قالوا كيت وكيت ﴿ بلقاء الآخرة ﴾ أي بلقاء الجزاء من الثواب والعقاب فيها ﴿ وأترفناهم ﴾ أي بسطنا لهم الآمال والأرزاق ونعمناهم، واحتملت هذه الجملة أن تكون معطوفة على صلة الذين، وكان العطف مشعراً بغلبة التكذيب والكفر، أي الحامل لهم على ذلك كوننا نعمناهم وأحسنا إليهم، وكان ينبغي أن يكون الأمر بخلاف ذلك وأن يقابلوا نعمتنا بالإيمان وتصديق من أرسلته إليهم، وأن تكون جملة حالية أي وقد ﴿ أترفناهم ﴾ أي ﴿ كذبوا ﴾ في هذه الحال، ويؤول هذا المعنى إلى المعنى الأول أي ﴿ كذبوا ﴾ في حال الإحسان إليهم، وكان ينبغي أن لا يكفروا وأن يشكروا النعمة بالإيمان والتصديق لرسلي.