فصل


قال الفخر :
ثم بين سبحانه أنه عليه الصلاة والسلام لا يطمع فيهم حتى يكون ذلك سبباً للنفرة فقال :﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ﴾ وقرىء خراجاً، قال أبو عمرو بن العلاء الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه والوجه أن الخرج أخص من الخراج كقولك خراج القرية وخرج الكردة زيادة اللفظ لزيادة المعنى ولذلك حسنت قراءة من قرأ ﴿خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ﴾ يعني أم تسألهم على هدايتهم قليلاً من عطاء الخلق فالكثير من عطاء الخلق خير.
فنبه سبحانه بذلك على أن هذه التهمة بعيدة عنه، فلا يجوز أن ينفروا عن قبول قوله لأجلها.
فنبه سبحانه بهذه الآيات على أنهم غير معذورين ألبتة وأنهم محجوجون من جميع الوجوه، قال الجبائي دل قوله تعالى :﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين﴾ على أن أحداً من العباد لا يقدر على مثل نعمه ورزقه ولا يساويه في الإفضال على عباده ودل أيضاً على أن العباد قد يرزق بعضهم بعضاً ولولا ذلك لما جاز أن يقول :﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ﴾.
﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) ﴾
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما زيف طريقة القوم أتبعه ببيان صحة ما جاء به الرسول ﷺ فقال :﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ لأن ما دل الدليل على صحته فهو في باب الاستقامة أبلغ من الطريق المستقيم ﴿وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة عَنِ الصراط لناكبون﴾ أي لعادلون عن هذا الطريق، لأن طريق الاستقامة واحدة وما يخالفه فكثير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٩٨﴾


الصفحة التالية
Icon