وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) ﴾
المراد بالخرج والخراج هنا : الأجر والجزاء.
والمعنى : أنك لا تسألهم على ما بلغتهم من الرسالة المتضمنة لخيري الدنيا والآخرة، أجرة ولا جعلا، وأصل الخرج والخراج : هو ما تخرجه إلى كل عامل في مقابلة أجرة، أو جعل. وهذه الآية الكريمة تتضمن أنه ﷺ، لا يسألهم أجراص، في مقابلة تبليغ الرسالة.
وقد أوضحنا الآيات القرآنية الدالة على أن الرسل لا يأخذون الأجرة على التبليغ في سورة هود، في الكلام على قوله تعالى عن نوح :﴿ وياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله ﴾ [ هود : ٢٩ ] الآية. وبينا وجه الجمع بين تلك الآيات، مع آية :﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى ﴾ [ الشورى : ٢٣ ] وبينا هناك حكم أخذ الأجرة، على تلعيم القرآن وغيره، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقرأ هذين الحرفين ابن عامر : خرجا فخرج ربك، بإسكان الراء فيهما معاًن وحذف الألف فيهما، وقرأ حمزة والكسائي : خراجاً فخراج ربك بفتح الراء بعدها ألف فيهما معاً، وقرأ الباقون : خرجا فخراج ربك بإسكان الراء، وحذف الألف في الأول، وفتح الراء وإثبات الألف في الثاني، والتحقيق : أن معنى الخرج والخراج واحد، وأنهما لغتان فصيحتان وقراءتان سبعيتان، خلافاً لمن زعم أن بين معناهما فرقاً زاعماً أن الخرج ما تبرعت به، والخراج : ما لزمك أداؤه.


الصفحة التالية
Icon