ومعنى الآية : لا يساعد على هذا الفرق كما ترى، والعلم عند الله تعالى. وصيغة التفضيل في قوله :﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ﴾ نظراً إلى أن بعض المخلوقين يزرق بعضهم كقوله تعالى :﴿ وارزقوهم فِيهَا واكسوهم ﴾ [ النساء : ٥ ] وقوله تعالى :﴿ وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] الآية. ولا شك أن فضل رزق الله خلقه، على رزق بعض خلقه بعضهم كفضل ذاته، وسائر صفاته على ذوات خلقه، وصفاتهم.
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣)
قد قدمنا الآيات الموضحة، لمعنى هذه الآية في سورة الحج في الحج على قوله تعالى :﴿ وادع إلى رَبِّكَ إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ الحج : ٦٧ ] فأغنى عن إعادته هنا.
وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (٧٤)
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الذين لا يؤمنون بالآخرة لإنكارهم البعث والجزاء، ناكبون عن الصراط، والمراد بالصراط، الذي هم ناكبون عنه : الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة المذكور في قوله قبله :﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ المؤمنون : ٧٣ ] ومن نكب عن هذا الصراط المستقيم، دخل النار بلا شك.
والآيات الدالة على ذلك كثيرة كقوله تعالى في سورة الروم :﴿ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخرة فأولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ ﴾ [ الروم : ١٦ ] ومعنى قوله : لناكبون : عادلون عنه، حائدون غير سالكين إياه وهو معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول نصيب :
خليلي من كعب ألماً هديتما... بزبيب لا تفقد كما أبداً كعب
من اليوم زوراها فإن ركابنا... غداة غد عنها وعن أهلها نكب. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon