﴿ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (٦٥) ﴾
المعنى يقال لهم يوم العذاب وعند حلوله ﴿ لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ﴾ وهذا القول يجوز أن يكون حقيقة، أي تقول ذلك لهم الملائكة ويحتمل أن يكون مجازاً أي لسان الحال يقول ذلك، وهذا على أن الذين يجأرون هم المعذبون، وأما على قول ابن جريح فلا يحتمل أن تقول ذلك الملائكة، وقوله ﴿ قد كانت آياتي تتلى عليكم ﴾ يريد بها القرآن، و﴿ تنكصون ﴾ معناه ترجعون وراءكم وهذه استعارة للإعراض والإدبار على الحق، وقرأ علي بن أبي طالب " على أدباركم تنكُصون " بضم الكاف وبذكر الإدبار بدل أعقاب، و﴿ مستكبرين ﴾ حال، والضمير في ﴿ به ﴾ قال الجمهور : هو عائد على الحرم والمسجد وإن لم يتقدم له ذكر لشهرته في الأمر، والمعنى أنكم تعتقدون في نفوسكم أن لكم بالمسجد والحرم أعظم الحقوق على الناس والمنازل عند الله فأنتم تستكبرون لذلك وليس الاستكبار من الحق، وقالت فرقة : الضمير عائد على القرآن من حيث ذكر الآيات والمعنى يحدث لكم سماع آياتي كبراً وطغياناً.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا قول جيد وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لمحمد ﷺ، وهو متعلق بما بعده كأن الكلام ثم في قوله ﴿ مستكبرين ﴾ ثم قال لمحمد ﷺ، ﴿ سامراً تهجرون ﴾، وقوله ﴿ سامراً ﴾ حال وهو مفرد بمعنى الجمع يقال قوم سمر وسمر وسامر ومعناه سهر الليل مأخوذ من السمر وهو ما يقع على الأشخاص من ضوء القمر فكانت العرب تجلس للسمر تتحدث وهذا أوجب معرفتها بالنجوم لأنها تجلس في الصحراء فترى الطوالع من الغوارب، وقرأ الجمهور " سامراً " وقرأ أبو رجاء " سماراً "، وقرأ ابن عباس وعكرمة وابن محيصن " سمراً " ومن هذه اللفظة قول الشاعر :[ الكامل ]
من دونهم إن جئتهم سمراً... عزف القيان ومجلس غمر


الصفحة التالية
Icon