وقال الضحاك : يعني بالجوع حين قال النبيّ ﷺ :" اللَّهُمَّ اشدد وطأتك على مُضَرَ اللَّهُمَّ اجعلها عليهم سنينَ كسِنِيّ يوسف " فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أكلوا العظام والميتة والكلاب والجِيف، وهلك الأموال والأولاد.
﴿ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ﴾ أي يضجّون ويستغيثون.
وأصل الجُؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور.
وقال الأعشى يصف بقرة :
فطافت ثلاثاً بين يوم وليلة...
وكان النكير أن تُضِيف وتجأرا
قال الجوهري : الجؤار مثل الخوار ؛ يقال : جأر الثور يجأر أي صاح.
وقرأ بعضهم "عِجْلاً جَسَداً لَهُ جؤار" حكاه الأخفش.
وجأر الرجل إلى الله عز وجل تضرع بالدعاء.
قتادة : يَصْرُخون بالتوبة فلا تقبل منهم.
قال :
يراوح من صلوات المَلِيك...
فطَوْراً سجوداً وطَوْراً جؤارا
وقال ابن جريج :﴿ حتّى إذَا أخذنا مُتْرَفِيهِمْ بالْعَذَابِ ﴾ هم الذين قتلوا ببدر ﴿ إذا هم يَجْأَرُونَ ﴾ هم الذين بمكة ؛ فجمع بين القولين المتقدمين، وهو حسن.
﴿ لاَ تَجْأَرُواْ اليوم إِنَّكُمْ مِّنَّا ﴾ أي من عذابنا.
﴿ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم.
وقال الحسن : لا تنصرون بقبول التوبة.
وقيل : معنى هذا النهي الإخبارُ ؛ أي إنكم إن تضرعتم لم ينفعكم.
قوله تعالى :﴿ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ على أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ﴾ الآيات يريد بها القرآن.
﴿ تتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي تقرأ.
قال الضحاك : قبل أن تعذبوا بالقتل و ﴿ تَنكِصُونَ ﴾ ترجعون وراءكم.
مجاهد : تستأخرون ؛ وأصله أن ترجع الْقَهْقَرَى.
قال الشاعر :
زعموا بأنهمُ على سُبُل النّجا...
ة وإنما نُكُصٌ على الأعقاب
وهو هنا استعارة للإعراض عن الحق.
وقرأ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه "على أدباركم" بدل "على أعقابكم"، "تنكصون" بضم الكاف.


الصفحة التالية
Icon