﴿ مُسْتَكْبِرِينَ ﴾ حال، والضمير في "به" قال الجمهور : هو عائد على الحرم أو المسجد أو البلد الذي هو مكة، وإن لم يتقدم له ذكر لشهرته في الأمر ؛ أي يقولون نحن أهل الحرم فلا نخاف.
وقيل : المعنى أنهم يعتقدون في نفوسهم أن لهم بالمسجد والحرم أعظمَ الحقوق على الناس والمنازل ؛ فيستكبرون لذلك، وليس الاستكبار من الحق.
وقالت فرقة : الضمير عائد على القرآن من حيث ذكرت الآيات ؛ والمعنى : يُحدث لكم سماع آياتي كبراً وطغياناً فلا تؤمنوا به.
قال ابن عطية : وهذا قول جيد.
النحاس : والقول الأوّل أولى، والمعنى : أنهم يفتخرون بالحرم ويقولون نحن أهل حرم الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ "سامِراً" نصب على الحال، ومعناه سُمّارا، وهم الجماعة يتحدثون بالليل، مأخوذ من السَّمَر وهو ظل القمر ؛ ومنه سُمرة اللون.
وكانوا يتحدثون حول الكعبة في سَمَر القمر ؛ فسمّي التحدث به.
قال الثوري : يقال لظل القمر السَّمَر ؛ ومنه السُّمْرة في اللون، ويقال له : الفَخْت ؛ ومنه قيل : فاختة.
وقرأ أبو رَجَاء "سُمّارا" وهو جمع سامر ؛ كما قال :
ألستَ ترى السُّمارَ والنّاسَ أحوالي...
وفي حديث قَيْلة : إذا جاء زوجها من السامر ؛ يعني من القوم الذين يَسْمُرون بالليل ؛ فهو اسم مفرد بمعنى الجمع، كالحاضر وهم القوم النازلون على الماء، والباقر جمع البقر، والجامل جمع الإبل، ذكورتها وإناثها ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ﴾ [ الحج : ٥ ] أي أطفالاً.
يقال : قوم سَمْر وسُمَّر وسامِر، ومعناه سهر الليل ؛ مأخوذ من السَّمَر وهو ما يقع على الأشجار من ضوء القمر.
قال الجوهري : السامر أيضاً السُّمّار، وهم القوم الذين يَسْمُرون ؛ كما يقال للحاج حُجّاج، وقول الشاعر :
وسامرٍ طال فيه اللّهْوُ والسّمَرُ...