كأنه سمى المكان الذي يجتمع فيه للسمر بذلك.
وقيل : وحّد سامراً وهو بمعنى السُّمار ؛ لأنه وضع موضع الوقت، كقول الشاعر :
مِن دونهم إن جئتَهم سَمَراً...
عَزْفُ القِيَانِ ومَجْلِسٌ غَمْرُ
فقال : سَمَراً، لأن معناه : إن جئتهم ليلاً وجدتهم وهم يسمرون.
وابنا سَمِير : الليل والنهار ؛ لأنه يُسْمَر فيهما، يقال : لا أفعله ما سَمَر ابنا سمِير أبداً.
ويقال : السَّمير الدهر، وابناه الليل والنهار.
ولا أفعله السَّمَرَ والقمرَ ؛ أي ما دام الناس يَسْمُرون في ليلة قمراء.
ولا أفعله سَمِيرَ الليالي.
قال الشَّنْفَرَى :
هنالك لا أرجو حياةً تَسُرُّنِي...
سَميرَ الليالي مُبْسَلاً بالجرائر
والسَّمَار ( بالفتح ) اللبن الرقيق.
وكانت العرب تجلس للسمر تتحدّث، وهذا أوجب معرفتها بالنجوم ؛ لأنها تجلس في الصحراء فترى الطوالع من الغوارب.
وكانت قريش تَسْمُر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، فعابهم الله بذلك.
و"تُهْجِرون" قرىء بضم التاء وكسر الجيم من أهجر، إذا نطق بالفحش.
وبنصب التاء وضم الجيم من هَجَر المريضُ إذا هَذَى.
ومعناه : يتكلمون بهوَس وسَيِّىء من القول في النبيّ ﷺ وفي القرآن ؛ عن ابن عباس وغيره.
الثانية : روى سعيد بن جُبيرِ عن ابن عباس قال : إنما كُره السّمر حين نزلت هذه الآية ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ ؛ يعني أن الله تعالى ذمّ أقواماً يَسْمُرون في غير طاعة الله تعالى، إما في هَذَيان وإما في إذاية.
وكان الأعمش يقول : إذا رأيت الشيخ ولم يكتب الحديث فاصفعه فإنه من شيوخ القمر ؛ يعني يجتمعون في ليالي القمر فيتحدّثون بأيام الخلفاء والأمراء ولا يحسِن أحدهم يتوضأ للصلاة.
الثالثة : روى مسلم عن أبي بَرْزَة قال : كان النبيّ ﷺ يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديثَ بعدها.


الصفحة التالية
Icon