وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) ﴾
قدمنا ما دلت عليه هذه الآيات الكريمة، من كماله وجلاله وأوصاف ربوبيته المستلزمة لإخلاص العبادة له وحده، في سورة يونس في الكلام على قوله تعالى :﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار وَمَن يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي وَمَن يُدَبِّرُ الأمر فَسَيَقُولُونَ الله فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ [ يونس : ٣١ ] وفي سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله :﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [ الإسراء : ٩ ] وأوضحنا دلالة توحيده في ربوبيته، على توحيده في عبادته وقد ذكرنا كثيراً من الآيات القرآنية الدالة على ذلك، مع الإيضاح، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وقوله في هذه الآية الكريمة :﴿ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ الملكوت : فعلوت من الملك : أي من بيده ملك كل شيء، بمعنى : من هو مالك كل شيء كائناً ما كان : وقال بعض أهل العلم : زيادة الواو والتاء في نحو : الملكوت، والرحموت، والرهبوت بمعنى الملك والرحمة، والرهبة : تفيد المبالغة في ذلك. والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾ أي هو يمنع من شاء ممن شاء، ولا يمنع أحد منه أحداً شاء أن يهلكه أو يعذبه، لأنه هو القادر وحده، على كل شيء، وهو القاهر فوق عباده، وهو الحكيم الخبير. ومنه قول الشاعر.
أراك طفقت تظلم من أجرنا... وظلم الجار إذلال المجير
وقوله تعالى :﴿ فأنى تُسْحَرُونَ ﴾ أي كيف تخدعون، وتصرفون عن توحيد ربكم، وطاعته مع ظهور براهينه القاطعة وأدلته الساطعة، وقيل :﴿ فأنى تُسْحَرُونَ ﴾ أي كيف يخيل إليكم، أن تشركوا به ما لا يضر، ولا ينفع، ولا يغني عنكم شيئاً بناء على أن السحر هو التخييل.


الصفحة التالية
Icon