وقال أبو السعود :
﴿ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ ﴾
كما يقوله النَّصارى والقائلون إنَّ الملائكةَ بناتُ الله تعالى عن ذلك عُلوًّا كبيراً ﴿ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾ يُشاركه في الأُلوهيَّةِ كما يقوله عَبَدَةُ الأوثانِ وغيرُهم ﴿ أَذِنَ * لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ ﴾ جوابٌ لمحاجَّتِهم، وجزاءٌ لشرطٍ قد حُذف لدلالةِ ما قبله عليه أي لو كان معه آلهةٌ كما يزعمون لذهبَ كلُّ واحدٍ منهم بما خلقَه واستبدَّ به وامتاز ملكُه عن مُلك الآخرينَ ووقع بينهم التَّغالبُ والتَّحارُبُ كما هُو الجاري فيما بينَ المُلوكِ ﴿ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ﴾ فلم يكن بيدِه وَحْدَهُ ملكوتُ كلِّ شيءٍ وهو باطلٌ لا يقولُ به عاقلٌ قط مع قيام البُرهان على استناد جميعِ المُمكنات إلى واجبِ الوجودِ واحد بالذَّاتِ ﴿ سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي يصفونَهُ من أنْ يكون له أندادٌ وأولادٌ.
﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ بالجرِّ على أنَّه بدلٌ من الجلالة. وقيل : صفةٌ لها. وقُرىء بالرَّفعِ على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ. وأيًّا ما كان فهُو دليلٌ آخرُ على انتفاءِ الشَّريكِ بناءً على توافقهم في تفرُّدِه تعالى بذلك ولذلك رُتِّبَ عليه بالفاءِ قولُه تعالى :﴿ فتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ فإنَّ تفرُّدَه تعالى بذلك موجبٌ لتعاليهِ عن أنْ يكون له شريكٌ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٦ صـ ﴾