﴿ ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ أي ادفع بالحسنة التي هي أحسن الحسنات التي يدفع بها ﴿ السيئة ﴾ بأن تحسن إلى المسيء في مقابلتها ما استطعت، ودون هذا في الحسن أن يحسن إليه في الجملة، ودونه أن يصفح عن إساءته فقط، وفي ذلك من الحث له ﷺ إلى ما يليق بشأنه الكريم من حسن الأخلاق ما لا يخفى، وهو أبلغ من ادفع بالحسنة السيئة لمكان ﴿ أَحْسَنُ ﴾ والمفاضلة فيه على حقيقتها على ماذكرنا وهو وجه حسن في الآية، وجوز أن تعتبر المفاضلة بين الحسنة والسيئة على معنى أن الحسنة في باب الحسنات أزيد من السيئة في باب السيئات ويطرد هذا في كل مفاضلة بين ضدين كقولهم : العسل أحلى من الخل فإنهم يعنون أنه في الأصناف الحلوة أميز من الخل في الأصناف الحامضة، ومن هذا القبيل ما يحكى عن أشعب الماجن أنه قال : نشأت أنا والأعمش في حجر فلان فما زال يعلو وأسفل حتى استوينا فإنه عن استواءهما في بلوغ كل منهما الغاية حيث بلغ هو الغاية في التدلي والأعمش الغاية في التعلي، وعلى الوجهين لا يتعين هذا الأحسن وكذا السيئة.
وأخرج ابن أبي حاتم.
وأبو نعيم في "الحلية" عن أنس أنه قال في الآية : يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه فيقول : إن كنت كاذباً فأنا أسأل الله تعالى أن يغفر لك وإن كنت صادقاً فأنا أسأل الله تعالى أن يغفر لي.
وقيل : التي هي أحسن شهادة أن لا إلهإلا الله والسيئة الشرك، وقال عطاء.