وقال أبو حيان :
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾
وانتصب ﴿ عَبَثاً ﴾ على الحال أي عابثين أو على أنه مفعول من أجله، والمعنى في هذا ما خلقناكم للعبث، وإنما خلقناكم للتكليف والعبادة.
وقرأ الأخوان ﴿ لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ مبنياً للفاعل، وباقي السبعة مبنياً للمفعول، والظاهر عطف ﴿ وَإِنَّكُمْ ﴾ على ﴿ إِنَّمَا ﴾ فهو داخل في الحسبان.
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون على ﴿ عَبَثاً ﴾ أي للعبث ولترككم غير مرجوعين انتهى.
﴿ فتعالى الله ﴾ أي تعاظم وتنزه عن الصاحبة والولد والشريك والعبث وجميع النقائص، بل هو ﴿ الملك الحق ﴾ الثابت هو وصفاته العلي و﴿ الكريم ﴾ صفة للعرش لتنزل الخيرات منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين.
وقرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن ابن كثير ﴿ الكريم ﴾ بالرفع صفة لرب العرش أو ﴿ العرش ﴾، ويكون معطوفاً على معنى المدح.
و﴿ مِنْ ﴾ شرطية والجواب ﴿ فَإِنَّمَا ﴾ و﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ صفة لازمة لا للاحتراز من أن يكون ثم آخر يقوم عليه برهان فهي مؤكدة كقوله ﴿ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ ويجوز أن تكون جملة اعتراض إذ فيها تشديد وتأكيد فتكون لا موضع لها من الإعراب كقولك : من أساء إليك لا أحق بالإساءة منه، فأسيء إليه.
ومن ذهب إلى أن جواب الشرط هو ﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ هروباً من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان فلا يصح لأنه يلزم منه حذف الفاء في جواب الشرط، ولا يجوز إلاّ في الشعر وقد خرجناه على الصفة اللازمة أو على الاعتراض وكلاهما تخريج صحيح.


الصفحة التالية
Icon