﴿ فتعالى الله ﴾ استعظامٌ له تعالى ولشؤونِه التي تُصرَّفُ عليها عبادُه من البدءِ والإعادةِ والإثابةِ والعقابِ بموجب الحكمةِ البالغةِ أي ارتفعَ بذاتِه وتنزَّه عن مماثلةِ المخلوقينَ في ذاتِه وصفاتِه وأحوالِه وأفعالِه وعن خلوِّ أفعالِه عن الحكمِ والمصالحِ والغاياتِ الحميدةِ ﴿ الملك الحق ﴾ الذي يحقُّ له المُلكُ على الإطلاقِ إيجاداً وإعداماً بَدءاً وإعادة إحياءً وإماتةً عقاباً وإثابةً، وكلُّ ما سواهُ مملوكٌ له مقهورٌ تحتَ ملكوتِه ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ فإنَّ كلَّ ما عداهُ عبيدُه ﴿ رَبُّ العرش الكريم ﴾ فكيف بما تحتَهُ ومحاط به من الموجوداتِ كائناً ما كان. ووصفُه بالكرمِ إمَّا لأنَّه منه ينزلُ الوحيُ الذي منه القرآنُ الكريمُ أو الخيرُ والبركةُ والرحمةُ. أو لنسبته إلى أكرمِ الأكرمينَ وقُرىء الكريمُ بالرَّفعِ على أنَّه صفةُ الرَّبِّ كما في قوله تعالى :﴿ ذُو العرش المجيد ﴾ ﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا ءاخَرَ ﴾ يعبدُه إفراداً أو إشراكاً ﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ صفةٌ لازمةٌ لإلها كقولِه تعالى :﴿ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ جيءَ بها للتَّأكيدِ وبناءِ الحُكمِ عليه تنبيهاً على أنَّ التَّدينِ بما لا دليلَ عليه باطلٌ فكيفَ بما شهدتْ بديهةُ العُقولِ بخلافِه. أو اعتراضٌ بين الشَّرط والجزاءِ كقولِك : مَن أحسنَ إلى زيدٍ لا أحقَّ منه بالإحسانِ فالله مثيبُه ﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ ﴾ فهو مجازٍ له على قدرِ ما يستحقُّه ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾ أي إنَّ الشَّأنَ الخ. وقُرىء بالفتحِ على أنَّه تعليلٌ أو خبرٌ ومعناهُ حسابُه عدمُ الفلاحِ.


الصفحة التالية
Icon