قوله تعالى :﴿ سخريّاً ﴾ قرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو حاتم عن يعقوب :"سُخريّاً" بضم السين هاهنا وفي [ ص : ٦٣ ]، تابعهم المفضل في [ ص : ٣٢ ].
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر : بكسر السين في السورتين.
ولم يختلف في ضم السين في الحرف الذي في [ الزخرف : ٣٢ ].
واختار الفراء الضم، والزجاج الكسر.
وهل هما بمعنىً؟ فيه قولان.
أحدهما : أنهما لغتان ومعناهما واحد، قاله الخليل، وسيبويه، ومثله قول العرب، بحر لُجِّيٌّ ولِجِيٌّ، وكوكبٌ دُرِيٌّ ودِرِّيٌّ.
والثاني : أن الكسر بمعنى الهمز، والضم بمعنى : السُّخرة والاستعباد، قاله أبو عبيدة، وحكاه الفراء، وهو مروي عن الحسن، وقتادة.
قال أبو علي : قراءة من كسر أرجح من قراءة من ضمّ، لأنه من الهزء، والأكثر في الهزء كسر السين.
قال مقاتل : كان رؤوس كفار قريش كأبي جهل وعقبة [ والوليد ] قد اتخذوا فقراء أصحاب رسول الله ﷺ كعمَّار وبلال وخبَّاب وصهيب سِخْرِيّاً يستهزئون بهم ويضحكون منهم.
قوله تعالى :﴿ حتى أَنْسَوكم ذِكْري ﴾ أي : أنساكم الاشتغال بالاستهزاء بهم ذِكْري، فنسب الفعل إِلى المؤمنين وإِن لم يفعلوه، لأنهم كانوا السبب في وجوده، كقوله :﴿ إِنهنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من النّاس ﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ].
قوله تعالى :﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليومَ بما صبروا ﴾ أي : على أذاكم واستهزائكم ﴿ أنَّهم ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر :"أنَّهم"، بفتح الألف.
وقرأ حمزة، والكسائي :"إِنَّهم" بكسرها.
فمن فتح "أنَّهم"، فالمعنى : جزيتُهم بصبرهم الفوزَ، ومن كسر "إِنهم"، استأنف. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾