قال : فوالله ما نَبَس القوم بعدها بكلمة، وما هو إلا الزَّفِير والشّهيق في نار جهنم.
فشبّه أصواتهم بصوت الحمير، أوّلها زفير وآخرها شهيق.
خرجه الترمذي مرفوعاً بمعناه من حديث أبي الدّرداء.
وقال قتادة : صوت الكفار في النار كصوت الحمار، أوّله زفير وآخره شهيق.
وقال ابن عباس : يصير لهم نُباح كنباح الكلاب.
وقال محمد بن كعب القُرَظي : بلغني أو ذُكر لي أن أهل النار استغاثوا بالخَزَنة...
الخبر بطوله، ذكره ابن المبارك، وقد ذكرناه بكماله في التّذكرة، وفي آخره : ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ [ المؤمنون : ١٠٥ ] قال : فلما سمعوا صوته قالوا : الآن يرحمنا ربنا فقالوا عند ذلك ﴿ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ﴾ أي الكتاب الذي كتب علينا ﴿ وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴾ فقال عند ذلك ﴿ اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ ﴾ فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء، وأقبل بعضهم على بعض ينبَحُ بعضهم في وجوه بعض، وأطبقت عليهم.
قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا ﴾ الآية.
قال مجاهد : هم بِلال وخَبّاب وصُهَيب، وفلان وفلان من ضعفاء المسلمين ؛ كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم.
﴿ فاتخذتموهم سُخْرِيّاً ﴾ بالضم قراءة نافع وحمزة والكسائي هاهنا وفي "صا".
وكسر الباقون.
قال النحاس : وفرّق أبو عمرو بينهما، فجعل المكسورة من جهة التهزّؤ، والمضمومة من جهة السُّخْرة، ولا يَعرف هذا التفريق الخليلُ ولا سيبويه ولا الكسائيّ ولا الفرّاء.
قال الكسائيّ : هما لغتان بمعنًى واحد ؛ كما يقال : عُصِيّ وعِصِيّ، ولُجِيّ ولِجِيّ.