و كان ابن مسعود يحرم نكاح الزانية، ويقول إذا تزوج الزاني الزانية فهما زانيان فلأن يتزوجها غير زان فمن باب أولى قال تعالى "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ" بالزنى "ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ" على فعل الزنى بهن عيانا "فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً" كما تقدم في حد الزنى في الآية الثانية المارة.
هذا إذا كان الرامي حرا، أما إذا كان عبدا فأربعون جلدة، وإن كان المرمي غير محصن فعلى
الرامي أي القاذف التعذير فقط، وهو يختلف باختلاف الأشخاص، وإن قذفها بغير الزنى كقوله يا فاسقة يا سارقة يا خبيثة فيكفي فيه شاهدان، وفيه التعذير أيضا، والتعذير إذا كان بالجلد فلا يبلغ أقل الحد أي الأربعين بل دونها ولو بضربة واحدة.
وشروط إحصان القذف الحربة والإسلام والعقل والبلوغ والعفة عن الزنى.
والمحصن كالمحصنة في وجوب حد القذف "وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ" أي القاذفين بعد إقدامهم على القذف "شَهادَةً أَبَداً" مدة حياتهم لورودها على التأييد لثبوت فسقهم بقوله تعالى "وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ" (٤) الخارجون عن طاعة اللّه تعالى.
تدل هذه الآية على أن القذف من الكبائر، وقد عده صلّى اللّه عليه وسلم من الموبقات السّبع في الحديث الذي رواه الشّيخان وأبو داود والنّسائي بلفظ : اجتنبوا السّبع الموبقات الشرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس التي حرم اللّه إلّا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
قال تعالى "إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا" أنفسهم وثبت لديكم صلاحهم "فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (٥) بعباده الرّاجعين إليه بغفران ذنوبهم السّابقة وإزالة اسم الفسق عنهم وقبول شهادتهم.
ويفهم من هذه الآية أن التوبة وحدها لا تكفي من القاذف حتى يقرنها بعمل صالح، وهو كذلك.


الصفحة التالية
Icon