قال تعالى "لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ" الإفك المذكور والقول الزور "ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً" عفافا وإخلاصا لا أن يسارعوا إلى الشّر إذ كان عليهم أن يكتموه أو يكذبوه ويحسنوا الظّن بحسب الظّاهر على الأقل في تلك الطّاهرة الزكية ربة العفاف والصون النّقية، وكذلك فيمن عرفوا عفته وطهارته من أصحاب رسول اللّه المبرئين ولا يبادروا إلى التهمة بل يجب عليهم أن ينكروه ويجحدوه ويقولوا ما أشار اللّه إليه بقوله عز قوله "وَقالُوا" متبرئين منه ومتنزهين عنه "سبحانك هذا" الإفك المختلق في حق تلك الطّاهرة هو "إِفْكٌ مُبِينٌ" (١٢) ظاهر لا خفاء فيه ولو لا هنا بمعنى هلا، وكذلك هي كلما وليت الفعل لا إذا وليت الاسم كقوله تعالى لو لا أنتم فتكون على معناها الأصلي أي حرف امتناع لوجود.
وقيل إن هذه الآية نزلت في خالد بن زيد أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه، إذا قال لزوجته ماترين فيما يقال فقالت لو كنت بدل صفوان، كنت تظن ذلك ؟ قال لا، قالت عائشة ولو كنت بدل عائشة ماخنت رسول اللّه لأنها خير مني، وصفوان خير منك، ولما استفاض هذا الخبر بكثرة ترداده من الأفاكين الآتي ذكرهم وتكريرهم إياه في كل مجلس دون جدوى بقصد انتشاره.
استشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أصحابه في ذلك فقال عمر رضي اللّه عنه انا قاطع بكذب المنافقين، لأن اللّه عصمك من وقوع الذباب على جلدك، لأنه يقع على النّجاسات وتتلطخ بها، فلما عصمك عن ذلك القذر من التعذر فكيف لا يعصمك عن صحبة من تكون ملطخة بمثل هذه الفاحشة ؟
وقال عثمان رضي اللّه عنه إن اللّه ما أوقع ظلك على الأرض لئلا يقع إنسان قدمه


الصفحة التالية
Icon