بمجرد السّماع من قوم أفاكين قد تفوهوا به فيما بينهم وأشاعوه تقصدا بل كان عليكم أن تقولوا بلسان واحد "سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ" (١٦) وإنما أمروا أن يقولوا هذا بهتان مبين بالآية الأولى، وفي هذه هذا بهتان عظيم مبالغة في التبرّي مما خاضوا فيه، ثم نبههم اللّه أيضا إيقاظا لما يقع من نوعه في المستقبل بقوله "يَعِظُكُمُ اللَّهُ" وهذا أبلغ من قوله ينهاكم "أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً" لا قولا ولا إشارة ولا رمزا ولا تخطرا ولا استماعا مقصودا "إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (١٧) بعفة اللّه تعالى، واعلموا أن اللّه لا يعفكم فيحذركم ويمنعكم معاتبا من الخوض بكل ما يؤثمكم ويؤدي إلى هلاكم "وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ" لتهذيب أخلاقكم وتحسين آدابكم "وَاللَّهُ عَلِيمٌ" بكذبكم وافترائكم وبراءة السّيدة عائشة التي اتهمتموها، ونزاهة صفوان الذي ألصقتم به هذه الفرية الكاذبة المختلقة، ولذلك أظهر براءتهما بوحيه كما هو مدون في كتابه الأزلي لعلمه أزلا في هذه الحادثة المزعومة كبقية الحوادث المتقدمات والحقيقة الراهنة "حَكِيمٌ" (١٨) فيما يقضي ثم أكد وعيده وتهديده في أصحاب الإفك ومن يصغي لأقوالهم أو يحبذها بقوله في الحكم السّابع "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا" عائشة وصفوان الطّاهرين الزاكيين، واللّفظ عام فيشمل كلّ مؤمن ومؤمنة "لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا" بالذم والشّتم والسّب والحد والسّقوط من العدالة، وقد أوقع صلّى اللّه عليه وسلم الحد في عبد اللّه بن أبي سلول وحسان ومسطح وحمنه، ثم ان صفوان قعد لحسان وضربه بالسيف فكف بصره "وَالْآخِرَةِ" العذاب الشّديد لمن يموت منهم مصرا على نفاقه وقذفه "وَاللَّهُ يَعْلَمُ" حقيقة كذبهم فيما فاهوا به "وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (١٩) إن اللّه يعاقب على ذكر هذه الفاحشة محبة


الصفحة التالية
Icon